القراءة هي رحلةُ سحرية تحملك من واقعك نحو عوالم أخرى تكتشف بها ذاتك وماهية الأشياء من حولك , ولكنك تحتاج إلى قبطان استثنائي يقود رحلتك و يأخذك في بحور الأدب متأرجحاً بين متعة الخيال ولذة الإحساس الذي يلامس قلبك .. وليس هناك قائدٌ روائي أكثر براعةً من "غيوم ميسو" الكاتب الذي يجعلك تسافر عابراً للمدن والقارات دون حدود ولا جواز سفر , ما إن تحاول الولوج في متاهته و سبر أغوار قصصه مهرولاً بين الصفحات واثباً فوق الفصول ستجد نفسك قد أنهيت المئات منها في بضع ساعات وأنت في قمة النشوة القرائية , لتصل إلى نهايةٍ سترضيك وتنعش قلبك بعد جرعةٍ تشويقية كانت قد خطفت أنفاسك .
يعد "غيوم ميسو" من أكثر الكتّاب الروائيين في فرنسا مبيعاً للكتب , فدعونا نتعرف على سيرته الذاتية عن قرب وكيف وصل إلى تلك المكانة.
ولد "غيوم ميسو" في السادس من يونيو عام 1974 في فرنسا ، دأب منذ طفولته على قراءة الكتب والمسرحيات ، حتى تأكد أنه سوف يصبح روائياً وأديباً يوماً ما.
غادر " ميسو " فرنسا متجهاً إلى الولايات المتحدة في سن التاسعة عشر وفي عقله البحث عن الكثير من الأفكار لبدأ كتابة أولى رواياته ، وبالفعل عاد إلى فرنسا وعقله مليء بأفكار عديدة للروايات ، وقد تفرغ غيوم ميسو للكتابة بعد أن كان يعمل أستاذ اقتصاد بالتعليم الثانوي..
يعترف "غيوم ميسو" أن سر نجاحه في الكتابة والتأليف هو أنه ذو طابع مرهف الحس، مؤكداً بأن الحياة هشة وقد شارف ذات يوم على الموت إثر حادث سير مريع، كان وقتها في الرابعة والعشرين من عمره، وقد توفيت في الحادث زوجته.. فقد " ميسو" حب عمره وشريكة حياته فقرر أن يعطي قراءه السعادة التي لم يحظى بها وأن يمنح أبطال رواياته الحق في الحصول على فرصة أخرى للحياة ..
فعندما خرج سالماً من تلك الحادثة ألف رواية بإسم (وبعد) روى فيها قصة طفل في الثامنة من عمره شارف على الموت بعد أن سكت قلبه، ثم نجا وعاد إلى الحياة حتى يصبح محامياً في مدينة نيويورك، وينسج المؤلف حول الشخصية قصة حب جميلة ومشوقة من خلال أحداث تتسارع ولا تتشابه مع قصته الحقيقة ومن الجدير بالذكر أنه قد باع من هذه الرواية أكثر من مليوني نسخة وقد تحولت إلى فيلم يحمل الاسم نفسه .
يتميز هذا الكاتب العبقري بأقتناء الشخصيات وبناء الروابط والعلاقات فيما بينها , فالشخصيات لدى "غيوم ميسو" تنقسم إلى ثلاثة : شخصية خيالية , رئيسية , ثانوية ..
تقوم الشخصية الخيالية بخلق المشكلات في حياة الشخصيات الرئيسية التي تبدأ في البحث عن حلول وهذا يخلقُ صراعًا بين هذه الشخصيَّات في فصول الرواية ..
فتأتي الشخصيَّات الثانويَّة في آخر أجزاء الرواية كحلٍّ للحبكة حين تتحول لرئيسيَّة مطلقةً الحلول بربط الأحداث المبعثرة مع بعضها البعض فلا تعجب لعدم إلقاء الضوء عليها أو لعدم ذكرها فهذه حيلة مباحة للراوي، والعجيب أنَّ حلَّ المشكلة لا يتمُّ إلاَّ بعد أن تترابط الشخصيَّات مع بعضها، فلكلِّ شخصيَّة علاقة بكلِّ الشخصيَّات الأخرى، ولكلِّ منها عالمها الخاص ومشكلتها التي لا يبخل علينا الكاتب في سردها، وكأن كل شخصيَّة جزء من اللوحة الروائيَّة المبعثرة التي تجتمع لتكوِّن الحلّ، وهذه هي العبقريَّة اللّغويَّة التي يحتاجها الكثيرون من الروائيين ..
أعماله :
صدرت أولى رواياته في 2001 ولم تحقق النجاح المطلوب، ثم توالت أعماله بالناجحات حتى صار من أشهر مؤلفي فرنسا والحقيقة أن هناك بعض النقاد الذين وصفوه بأمير الكتابة معترفين بفضله في إدخال ثورة جديدة فيما يسمّى (الكتابة الشعبية) أو الأدب الشعبي، مما بوأه المرتبة الأولى في بلده ، تخصص "ميسو" في كتابة الروايات البوليسية التي تلاقي رواجا كبيرا لدى الشارع الفرنسي ..
ترجمت بعض رواياته إلى أكثر من أربعون لغة , منها اللغة العربية نقوم على ذكر ما صدر له باللغة العربية :
- وبعد عام 2004
- أنقذني عام 2005
- لأنني أحبك عام 2007
- عائد لأبحث عنك عام 2008
- فتاة من ورق عام 2010
- نداء الملاك عام 2011
- بعد سبع سنوات عام2012
- غداً عام 2013
- سنترال بارك عام 2014
- اللحظة الراهنة عام 2015
- فتاة بروكلين عام 2016
- شقة في باريس عام 2017
- الصبية والليل عام 2018
- حياة الكاتب السرية عام 2020
- الحياة رواية عام 2020
- مجهولة نهر السين عام 2022
في الختام يمكننا القول أن " غيوم ميسو " هو سيد التشويق في عالم الرواية وإن كنت لم تقرأ له إلى الآن فقد فاتك الكثير من المتعة فسارع إلى الالتحاق بإحدى رحلاته نحو الغيوم ..
كتابة: سوزان غنّام